بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم
[ (?) ]
[ (?) ]] فأما إبطال اللَّه تعالى الكهانة بمبعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، حتى انقطعت بعد ما كانت ظاهرة موجودة، قال ابن سيده: كهن له يكهن، وكهن كهانة، وتكهن تكهينا وتكهّنا: قضى له بالغيب، ورجل كاهن من قوم كهنة وكهان، وحرفته الكهانة.
واعلم أن الكهانة من خواص النفس الإنسانية، وذلك أن للنفس الإنسانية استعداد للانسلاخ عن البشرية إلى الروحانية التي فوقها، وأعلا هذا الانسلاخ صنف الأنبياء، فإنّهم فطروا على ذلك، فيحصل لهم من غير اكتساب ولا استعانة بشيء من المدارك، ولا من التصورات، ولا من الأفعال البدنية، ولا بأمر من الأمور، إنما هو انسلاخ من البشرية إلى [الملائكية] [ (?) ] بالفطرة الإلهية في لحظة أقرب من لمح البصر، فاقتضت القسمة العقلية حركتها الفكرية بالإرادة، عند ما يتبعها النزوع لذلك، وهي ناقصة عن إدراك الأنبياء بالجبلة، وعند ما يعوقها العجز عن ذلك، فإنّها تتشبث بأمور جزئية محسوسة أو متخيلة تنظر فيها، كالأجسام الشفافة، وعظام الحيوان، وتتكلم بالسجع، أو ترى ما ينسلخ من طير أو حيوان، فلا تزال تستعين بذلك في الانسلاخ الّذي تقصده، فيكون كالمشيع له..، وهذه القوة التي في هذا الصنف مبدأ لذلك الإرادي، هي الكهانة.
ولما كانت هذه النفوس مفطورة على النقص والقصور عن الكمال، كان إدراكها في الجزئيات أكثر من الكليات، وصارت متشبثة بها، غافلة عن الكليات، ولذلك تكون القوة المتخيلة فيهم في غاية القوة، لأنها آلة الجزئيات فتنفذ فيها نفوذا