امتاع الاسماع (صفحة 1593)

عليه صدرا من كهيعص [ (?) ] ، فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكوا أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى عليه السلام، انطلقوا راشدين، لا واللَّه لا أردّهم عليكم ولا أنعمكم عينا.

فخرجنا من عنده وكان أبقى الرجلين فينا: عبد اللَّه بن أبي ربيعة، فقال عمرو ابن العاص: واللَّه لآتيه غدا بما أستأصل به خضراءهم، ولأخبرنه أنهم يزعمون أن إلهه الّذي يعبد- عيسى ابن مريم- عبد، فقال له عبد اللَّه بن أبي ربيعة:

لا تفعل، فإنّهم وإن كانوا خالفونا، فإن لهم رحما ولهم حق، فقال: واللَّه لأفعلن.

فلما كان الغد، دخل عليه فقال: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما، فأرسل إليهم فاسألهم عنه، فبعث إليهم ولم ينزل بنا مثلها، فقال بعضنا لبعض: ماذا تقولون له في عيسى إن هو سألكم عنه؟ فقال: نقول واللَّه الّذي قاله فيه، والّذي أمرنا به نبينا أن نقول فيه، فدخلوا عليه وعنده بطارقته، فقال:

ما تقولون في عيسى [ابن] [ (?) ] مريم؟ فقال له جعفر: نقول: هو عبد اللَّه ورسوله، وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول.

فدلى النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ عويدا بين إصبعيه فقال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العويد [ (?) ] ، فتناخرت [ (?) ] بطارقته فقال: وإن تناخرتم [ (?) ] واللَّه، اذهبوا فأنتم سيوم- والسّيوم الآمنون- من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم (ثلاثا) ، ما أحب أن لي دبرا، أو أني آذيت رجلا منكم- والدّبر بلسانهم: الذهب- فو اللَّه ما أخذ اللَّه مني الرشوة حين ردّ عليّ ملكي، فآخذ الرشوة فيه ولا أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه؟ ردّدوا عليهما هداياهما ولا حاجة لي بها واخرجا من بلادي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015