قال رحمه الله: سئلت إملاء تفسير قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ، وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ، فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ. يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ؛ [النور: 43، 44].
فأجبت إلى ذلك.
أما قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ فالمراد: ألم تعلم؛ وإن كان هذا اللفظ مشتركا بين الإدراك والعلم؛ وإنما اختصّ هنا بالعلم دون الإدراك؛ لأن إضافة إزجاء السحاب وتأليفه وجميع ما ذكر فى الآية إلى الله تعالى مما لا يستفاد بالإدراك؛ وإنما يعلم بالأدلّة.
فأما قوله تعالى: يُزْجِي سَحاباً فمعناه يسوق؛ ولا بدّ أن يلحظ فى هذا الموضع السّوق الضعيف الرفيق؛ يقال منه: أزجى يزجى إزجاء، وزجّى يزجّى تزجية، إذا ساق؛ ومنه إزجاء الكسير (?) من الإبل إذا سقته سوقا رفيقا حتى يسير؛ ومنه قوله تعالى:
بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ؛ [يوسف: 88] أى مسوقة شيئا بعد شيء على ضعف وقلّة، قال عدىّ بن الرّقاع:
تزجى أغنّ كأنّ إبرة روقه … قلم أصاب من الدّواة مدادها (?)
وقال الأعشى:
الواهب المائة الهجان وعبدها … عوذا تزجّى خلفها أطفالها (?)