محمد قط؛ ولكن إذا ذهب بنو قصىّ باللواء والحجابة والسّقاية والنّدوة والنبوّة، ماذا يكون لسائر قريش!

والوجه الثانى أن يكون معنى: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ أى لا يفعلون ذلك بحجة، ولا يتمكون من إبطال ما جئت به ببرهان؛ وإنما يقتصرون على الدعوى الباطلة؛ وهذا فى الاستعمال معروف؛ لأنّ القائل يقول: فلان لا يستطيع أن يكذّبنى ولا يدفع قولى؛ وإنما يريد أنه لا يتمكّن من إقامة دليل على كذبه، وحجة فى دفع قوله؛ وإن كان يتمكن من التكذيب بلسانه وقلبه، فيصير ما يقع من التكذيب من غير حجّة ولا برهان غير معتد به.

وروى عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أنه قرأ هذه الآية بالتخفيف: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ، ويقول: أنّ المراد بها أنهم/ لا يأتون بحق هو أحقّ من حقك.

وقال محمد بن كعب القرظىّ: معناها لا يبطلون ما فى يديك؛ وكل ذلك يقوّى هذا الوجه؛ وسنبيّن أنّ معنى هذه اللفظة مشدّدة يرجع إلى معناها مخففة.

والوجه الثالث أن يكون معنى الآية أنهم لا يصادفونك ولا يلفونك متقوّلا؛ كما يقولون:

قاتلته فما أجبنته، أى ما وجدته جبانا، وحادثته فما أكذبته؛ أى لم ألفه كاذبا؛ وقال الأعشى:

أثوى وقصّر ليلة ليزوّدا … فمضى وأخلف من قتيلة موعدا (?)

أراد أنه صادف منها خلفا المواعيد، ومثله قولهم: أصممت القوم؛ إذا صادفتهم صما، وأخليت الموضع، إذا صادفته خاليا؛ قال الشاعر:

أبيت مع الحدّاث ليلى فلم أبن … فأخليت فاستجمعت عند خلائيا

أى أصبت مكانا خاليا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015