فلما قدم خالد البصرة، قيل له: ما الّذي حملك على تزيين الإمساك له؟ قال: أحببت أن يمنع غيرى كما منعنى، فيكثر من يلومه.
قال سيدنا أدام الله علوّه: وكان خالد مشهورا بالبلاغة وحسن العبارة.
*** وبالإسناد المتقدم عن المدائنىّ قال: قال حفص بن معاوية بن عمرو الغلابىّ، قلت لخالد: يا أبا صفوان، إنى لأكره أن تموت وأنت من أيسر أهل البصرة فلا يبكيك إلا الإماء، قال: فابغنى امرأة، قلت: صفها لى أطلبها لك، قال: أريد بكرا كثيّب، أو ثيّبا كبكر، / لا ضرعا صغيرة، ولا مسنّة كبيرة؛ لم تقرأ فتجبن (?)، ولم تفتّ (?) فتمجن؛ قد نشأت فى نعمة، وأدركتها خصاصة، فأدّبها الغنى، وأذلّها الفقر، حسبى من جمالها أن تكون فخمة من بعيد، مليحة من قريب؛ وحسبى من حسنها أن تكون واسطة قومها، ترضى منى بالسّنة؛ إن عشت أكرمتها، وإن متّ ورّثتها، لا ترفع رأسها إلى السماء نظرا، ولا تضعه إلى الأرض سقوطا. فقلت: يا أبا صفوان؛ إنّ الناس فى طلب هذه مذ زمان طويل فما يقدرون عليها.
وكان يقول: إن المرأة لو خفّ محملها، وقلّت مئونتها ما ترك اللئام فيها للكرام بيتة ليلة؛ ولكن ثقل محملها، وعظمت مئونتها فاجتباها الكرام، وحاد عنها اللئام.
وكان خالد من أشحّ الناس وأبخلهم؛ كان إذا أخذ جائزة أو غيرها قال للدرهم:
أما والله لطالما أغرت فى البلاد وأنجدت؛ والله لأطيلن ضجعتك، ولأديمنّ صرعتك.
وسأله رجل من بنى تميم فأعطاه دانقا، فقال: يا سبحان الله! أتعطى مثلى دانقا! فقال له: لو أعطاك كلّ رجل من بنى تميم مثل ما أعطيتك لرحت ذا مال عظيم.
وسأله رجل، فأعطاه درهما فاستقلّه، فقال: يا أحمق، أما علمت أنّ الدرهم عشر العشرة، والعشرة عشر المائة، والمائة عشر الألف، والألف عشر دية مسلم! وكان يقول: والله ما تطيب نفسى بإنفاق درهم إلا درهما قرعت به باب الجنة، أو درهما اشتريت به موزا.