ما يستحيل عليه من الصاحبة والولد؛ وما يقتضي الجسمية بأن تقولوا: الشك فى الرؤية لا يمنع من صحة معرفة السمع، والشك فى جميع ما ذكر يمنع من ذلك؛ لأن الشكّ الّذي لا يمنع من معرفة السمع إنما هو فى الرؤية التى لا يكون معها نظر، ولا تقتضى التشبيه.
فإن قلتم: يحمل/ ذكر النّظر على أن المراد به نفس الرؤية على سبيل المجاز؛ لأنّ من عادة العرب أن يسمّوا الشيء باسم الطريق إليه، وما قاربه وداناه.
قلنا: فكأنّكم عدلتم من مجاز إلى مجاز؛ فلا قوة فى هذا الوجه؛ والوجوه التى ذكرناها فى تقوية هذا الجواب المتقدمة أولى.
وليس لأحد أن يقول: لو كان عليه السلام إنما سأله الرؤية لقومه لم يضف السؤال إلى نفسه فيقول: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ولا كان الجواب مختصا به؛ وهو قوله تعالى: لَنْ تَرانِي، وذلك لأنه غير ممتنع وقوع الإضافة على هذا الوجه؛ مع أن المسألة كانت من أجل الغير؛ إذا كانت هناك دلالة تؤمن من اللبس وتزيل الشبهة.
فلهذا يقول أحدنا إذا شفع فى حاجة غيره للمشفوع له: أسألك أن تفعل بى كذا، وتجيبنى إلى كذا. ويحسن أن يقول المشفوع إليه: قد أجبتك وشفّعتك (?)، وما جرى مجرى ذلك؛ وإنما حسن هذا لأن للسائل فى المسألة غرضا (?)، وإن رجعت إلى الغير فتحقّقه بها وتكلّفه كتكلّفه إذا اختصه ولم يتعدّه.
فإن قيل؛ كيف يجوز منه عليه السلام مع علمه باستحالة الرؤية عليه تعالى أن يسأل فيها لقومه! ولئن جاز ذلك ليجوزنّ أن يسأل لقومه سائر ما يستحيل عليه من كونه جسما، وما أشبهه متى شكّوا فيه.
قلنا: إنما صحّ ما ذكرناه فى الرؤية ولم يصحّ فيما سألت عنه؛ لأن مع الشك فى جواز الرؤية التى لا تقتضى كونه جسما يمكن معرفة السمع، وأنه حكيم صادق فى أخباره، فيصح