والسماء أيضا سقف البيت، ومنه قوله تعالى: مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ؛ [الحج: 15].

وقال ابن الأعرابىّ: يقال لأعلى البيت: سماء البيت، وسماوته، وسراته، وصهوته؛ والسماء أيضا: المطر قال الله تعالى: وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً؛ [الأنعام: 6]. ومنه الحديث الّذي رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله مر على صبرة طعام؛ فأدخل عليه السلام يده فيها، فنالت أصابعه بللا؛ فقال: ما هذا يا صاحب البرّ؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال عليه السلام: «أولا جعلته فوق الطّعام، يراه الناس! من غشّ فليس منا». وقال المثقّب العبدىّ:

فلمّا أتانى والسّماء تبلّه … فقلت له: أهلا وسهلا ومرحبا

ويقال أيضا لظهر الفرس: سماء؛ كما يقال فى حوافره: أرض. ولبعضهم فى فرس:

وأحمر كالدّينار، أمّا سماؤه … فخصب، وأما أرضه فمحول (?)

وإنما أراد أنه سمين الأعلى، عريان القوائم ممشوقها؛ وكل معانى السماء التى تتصرف وتتنوع ترجع إلى معنى الارتفاع والعلو والسموّ؛ وإن اختلفت المواضع التى أجريت هذه اللفظة فيها.

وأولى المعانى بالخبر الّذي سئلنا عنه ما قدّمناه من معنى العزة وعلو الشأن والسلطان، وما عدا ذلك من المعانى لا تليق به تعالى؛ لأنّ العلوّ بالمسافة لا يجوز على القديم تعالى الّذي ليس بجسم ولا جوهر ولا حالّ فيهما؛ ولأن الخبر والآية التى تضمنت أيضا ذكر السماء خرجت مخرج المدحة، ولا تمدّح فى العلو بالمسافة؛ وإنما التمدّح بالعلو والشأن والسلطان ونفاذ الأمر؛ ولهذا لا تجد أحدا من العرب مدح غيره فى شعر أو نثر بمثل هذه اللفظة؛ وأراد بها علوّ المسافة؛ بل لا يريدون إلا ما ذكرناه من معنى العلوّ فى الشأن؛ وإنما يظن فى هذا

الموضع خلاف هذا من لا فطنة عنده ولا بصيرة له؛ والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015