وقد ذهب إلى هذا الوجه جماعة من المفسرين كابن عباس وقتادة والضحّاك/ وغيرهم.
وروى بشر بن عمارة عن أبى روق عن الضّحاك عن ابن عباس قال: الذين شقوا ليس فيهم كافر؛ وإنما هم قوم من أهل التوحيد، يدخلون النار بذنوبهم، ثم يتفضّل الله تعالى عليهم فيخرجهم من النار إلى الجنة، فيكونون أشقياء فى حال، سعداء فى حال أخرى.
وأما تعليق الخلود بدوام السموات والأرض؛ فقد قيل فيه: إن ذلك لم يجعل شرطا فى الدوام؛ وإنما علّق به على طريق التبعيد وتأكيد الدوام؛ لأن للعرب فى مثل هذا عادة معروفة خاطبهم الله تعالى عليها؛ لأنهم يقولون: لا أفعل كذا ما لاح كوكب، وما أضاء الفجر، وما اختلف الليل والنهار، وما بلّ بحر صوفة، وما تغنّت حمامة، ونحو ذلك، ومرادهم التأبيد والدوام.
ويجرى كل ما ذكرناه مجرى قولهم: لا أفعل كذا أبدا؛ لأنهم يعتقدون فى جميع ما ذكرناه أنه لا يزول ولا يتغير؛ وعباراتهم إنما يخرجونها بحسب اعتقاداتهم، لا بحسب ما عليه الشيء فى نفسه؛ ألا ترى أن بعضهم لما اعتقد فى الأصنام أن العبادة تحقّ لها سمّاها آلهة بحسب اعتقادهم، وإن لم تكن فى الحقيقة كذلك!
ومما يشهد لمذهبهم الّذي حكيناه قول أبى الجويرية العبدىّ:
ذهب الجود والجنيد جميعا … فعلى الجود والجنيد السلام (?)
أصبحا ثاويين فى قعر مرت (?) … ما تغنّت على الغصون الحمام
وقال الأعشى: