ليس على طول الحياة ندم … ومن وراء المرء ما يعلم
وليس الأمر كما ظنّوه، لأنه يحتمل أن يريد أنه لا عار فى ورده على ظاهر الكلام والفائدة فيه ظاهرة لأن البيت وإن تضمّن ذكر ورود الماء فهو كناية عن ركوب الأمور الصعاب التى من جملتها إيراد الماء غلبة وقهرا، فكأنها قالت: إنك تورد ماء قد تناذره الناس، وتركب أمرا صعبا قد نكل عنه الخلق، ولك بذلك حظ فى الشجاعة والبسالة، ومع ذلك فلا عار عليك فى ركوبه، لأنّه ربما فعل الإنسان فعلا يحوز به أكثر الحظ من الشجاعة وإن لحقه بعض العار، من قطيعة رحم، أو نكث عهد، أو ما جرى هذا المجرى، فكأنها نفت عن فعله وجوه العار.
وليس يجرى ذلك مجرى قول المرقّش:
* ليس على طول الحياة ندم*
لأن البيت متى لم يحمل على أن المراد به: ليس على فوت طول الحياة ندم، لم يفد شيئا، وقد بينا فائدة قول الخنساء إذا كان المراد ما ذكرناه.