الوجه؛ ومن ذهب إلى جواز ذلك صحّ منه أن يعتمد على هذا الجواب.
فإن قيل: فأىّ فائدة فى أن يأمرهم بأن يخبروا عن ذلك بشرط أن يكونوا صادقين، وهو عالم بأنهم لا يتمكنون من ذلك لفقد علمهم به؟
قلنا: لمن ذهب إلى الأصل الّذي ذكرناه أن يقول: لا يمتنع أن يكون الغرض فى ذلك هو أن ينكشف بإقرارهم وامتناعهم من الإخبار بالأسماء ما أراد تعالى بيانه من استئثاره بعلم الغيب، وانفراده بالاطلاع على وجوه المصالح فى الدين.
فإن قيل: فهذا يرجع إلى الجواب الّذي تذكرونه من بعد؟ قلنا: هو وإن رجع إلى هذا المعنى فبينهما فرق (?) من حيث كان هذا الجواب، على تسليم أنّ الآية تضمنت الأمر والتكليف الحقيقيين.
والجواب الثانى لا نسلّم فيه أنّ القول أمر على الحقيقة، فمن هاهنا افترقا.
والجواب (?) الثانى أن يكون الأمر (?) وإن كان ظاهره ظاهر أمر، فغير أمر على الحقيقة؛ بل المراد به التقرير والتنبيه على مكان الحجة؛ وقد يرد بصورة الأمر ما ليس بأمر، / والقرآن والشعر [وكلام العرب مملوء بذلك] (?).
وتلخيص هذا الجواب أنّ الله تعالى لما قال للملائكة: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ؛ [البقرة: 30]؛ أى مطّلع من مصالحكم، وما هو أنفع لكم فى دينكم على ما لا تطّلعون عليه. ثم أراد التنبيه على أنه لا يمتنع أن يكون غير الملائكة- مع أنها تسبح وتقدّس وتطيع ولا تعصى- أولى بالاستخلاف فى الأرض؛ وإن