وقال عمرو بن كلثوم:
نزلتم منزل الأضياف منّا … فعجّلنا القرى أن تشتمونا (?)
أراد ألّا (?) تشتمونا؛ والشواهد فى هذا كثيرة جدّا.
وهذا الجواب يضعّفه كثير من أهل العربية؛ لأنهم لا يستحسنون إضمار «لا» فى مثل هذا الموضع.
فأما قوله تعالى حاكيا عنه: لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ؛ فقال قوم من المفسرين: إن القتل على سبيل الانتصار والمدافعة لم يكن مباحا فى ذلك الوقت؛ وإن الله تعالى أمره بالصبر عليه، وامتحن بذلك، ليكون هو المتولّى للانتصاف.
وقال آخرون: بل المعنى أنك إن بسطت إلى يدك مبتدئا ظالما لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك على وجه الظلم
والابتداء؛ فكأنه نفى عن نفسه القتل القبيح، وهو الواقع على سبيل الظلم.
والظاهر من الكلام بغير ما ذكر من الوجهين أشبه، لأنه تعالى خبّر عنه أنه وإن بسط أخوه إليه يده ليقتله لا يبسط يده ليقتله؛ أى وهو مريد لقتله ومخير (?) إليه؛ لأن هذه اللام بمعنى «كى»، وهى منبئة عن الإرادة والغرض؛ ولا شبهة فى حظر ذلك وقبحه؛ ولأن المدافع إنما تحسن منه المدافعة للظالم طلبا للتخلص (?) من غير أن يقصد إلى قتله أو الإضرار به؛ ومتى قصد ذلك كان فى حكم المبتدئ بالقتل؛ لأنه (?) فاعل القبيح، والعقل شاهد بوجوب التخلص من المضرة بأى وجه يمكن منه؛ بعد أن يكون غير قبيح.