ومعنى «كجرباء دسّت بالهناء» أنه شبه الأثفيّة المفردة بناقة جرباء قد أفردت وأبعدت عن الإبل حتى لا تجربها ولا تعديها. ومعنى دسّت بالهناء، طليت به.
وفى معنى قول الراعى: «وراد الأعالى» شبه من قول الشّماخ بن ضرار:
/ أقامت على ربعيهما جارتا صفا … كميتا الأعالى جونتا مصطلاهما (?)
يعنى «بربعيهما» منزلى الامرأتين (?) اللتين ذكرهما، ويعنى «بجارتا صفا» الأثفيّتين؛ لأنهما مقطوعتان من الصّفا الّذي هو الصّخر. ويمكن فى قوله: «جارتا صفا» وجه آخر هو أحسن من هذا؛ وهو أنّ الأثفيّتين توضعان قريبا من الجبل، لتكون حجارة الجبل ثالثة لهما، وممسكة للقدر معهما؛ ولهذا تقول العرب: رماه بثالثة الأثافىّ؛ أى بالصخرة أو الجبل، وشبه أعلاهما بلون الكميت؛ وهو لون الحجر نفسه؛ لأن النار لم تصل إليه فتسوده (?).
ومصطلاهما جون أى أسود؛ لأنّ النار قد سفعته وسوّدته.
وقال الراعى فى وصف الأثافىّ أيضا:
أذاع بأعلاه، وأبقى شريده … ذرا مجنحات بينهنّ فروج
كأنّ بجزع الدّار لمّا تحمّلوا … سلائب ورقا بينهنّ خديج
أذاع بأعلاه، يعنى الرماد؛ لأن السافى (?) يطيّر ظاهره وما علا منه.
وأبقى شريده، أى بقى (?) لما شرد على السافى فلم يطر.
وذرا لجنحات يعنى الأثافىّ. وذرا كل شيء: جانبه وما استذريت به منه. والمجنحات:
المسبلات منه.