فأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه»، فقد ذهب قوم إلى أنّ عرض الرجل إنما هو سلفه من آبائه وأمهاته؛ ومن جرى مجراهم.
وذهب ابن قتيبة إلى أن عرض الرجل نفسه، واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وآله حين ذكر أهل الجنة فقال: «لا يبولون ولا يتغوّطون؛ إنما هو عرق يجرى من أعراضهم مثل المسك»؛ أى من أبدانهم؛ قال: ومنه قول أبى الدرداء: «أقرض من عرضك ليوم فقرك» أراد من شتمك فلا تشتمه، ومن ذكرك بسوء فلا تذكره به، ودع ذلك قرضا عليه ليوم الجزاء والقصاص.
واحتج أيضا بحديث الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: «أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم! كان إذا خرج من منزله قال: اللهمّ إنى قد تصدّقت بعرضى على عبادك»؛ قال: فمعناه قد تصدّقت بنفسى وأحللت من يغتابنى، فلو كان العرض الأسلاف ما جاز أن يحلّ من سبّ الموتى؛ لأن ذلك إليهم لا إليه.
قال: ويدلّ على ذلك أيضا حديث سفيان بن عيينة: «لو أن رجلا أصاب/ من عرض رجل شتما ثم تورّع من بعد؛ فجاء إلى ورثته بعد موته فأحلّوه له، لم يكن ذلك كفارة له، ولو أصاب من ماله شيئا ثم دفعه إلى ورثته؛ لكنّا نرى أن ذلك كفارة له».
قال: ويدلّ على أن عرض الرجل نفسه قول حسان:
هجوت محمّدا فأجبت عنه … وعند الله فى ذاك الجزاء (?)
فإنّ أبى ووالده وعرضى … لعرض محمّد منكم وقاء