إذا حاولت فى أسد فجورا … فإنّى لست منك ولست منّى (?)
وقيل إنه أراد: ليس على ديننا، وهذا الوجه لا يليق إلّا بجوابنا الّذي اخترناه، وهو بعده بجواب أبى عبيد أليق، لأنه محال أن يخرج عن دين النبي صلى الله عليه وملّته من لم يحسّن صوته بالقرآن، ويرجّع فيه، أو من لم يتلذّذ بتلاوته ويستحليها.
/ اعلم أنّ أصحابنا قد اعتمدوا فى إبطال ما ظنّه أصحاب الرؤية فى قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ [القيامة 22 - 23]، على وجوه معروفة، لأنهم بيّنوا أنّ النظر ليس يفيد الرؤية، ولا الرؤية من أحد محتملاته، ودلّوا
على أنّ النظر ينقسم إلى أقسام كثيرة؛ منها تقليب الحدقة الصحيحة حيال (?) المرئىّ طلبا لرؤيته؛ ومنها النظر الّذي هو الانتظار؛ ومنها النّظر الّذي هو التعطّف والرّحمة؛ ومنها النظر الّذي هو الفكر والتأمّل، وقالوا: إذا لم يكن فى أقسام النظر الرّؤية لم يكن للقوم بظاهرها تعلّق (?)، واحتجنا (?) جميعا إلى طلب تأويل للآية من غير جهة الرؤية. وتأوّلها بعضهم على الانتظار للثواب، وإن كان المنتظر فى الحقيقة محذوفا، والمنتظر منه مذكورا على عادة للعرب معروفة.
وسلّم بعضهم أن النظر يكون الرؤية بالبصر، وحمل الآية على رؤية أهل الجنة لنعم الله تعالى عليهم؛ على سبيل حذف المرئىّ فى الحقيقة. وهذا كلام (?) مشروح فى مواضعه، وقد بيّنا ما يورد عليه، وما يجاب به عن الشّبهة المعترضة فى مواضع كثيرة.
وهاهنا وجه غريب فى الآية حكى عن بعض المتأخرين (?): لا يفتقر معتمده إلى العدول عن الظاهر، أو إلى تقدير محذوف، ولا يحتاج إلى منازعتهم فى أنّ النظر يحتمل الرؤية،