عليه ففعل ذلك بأمره وعن إذنه فإنّه يعذّب بالنياحة عليه؛ وليس معنى يعذّب بها أنه يؤاخذ بفعل النّواح، وإنما معناه أن يؤاخذ بأمره بها ووصيته بفعلها، وإنما قال صلى الله عليه وآله ذلك لأنّ الجاهلية كانوا يرون البكاء
عليهم والنوح فيأمرون به، ويؤكدون الوصية بفعله وهذا مشهور عنهم؛ قال طرفة بن العبد:
فإن متّ فانعينى بما أنا أهله … وشقّى عليّ الجيب يا أمّ معبد (?)
وقال بشر بن أبى خازم لابنته عميرة (?):
فمن يك سائلا عن بيت بشر … فإنّ له بجنب الرّدة بابا (?)
ثوى فى ملحد لا بدّ منه … كفى بالموت نأيا واغترابا (?)
رهين بلى وكلّ فتى سيبلى … فأذرى الدّمع وانتجى انتحابا
وقد روى عن ابن عباس فى هذا الخبر أنه قال: وهل (?) ابن عمر، إنما مرّ رسول الله صلى الله عليه وآله على يهودىّ فقال: «إنّكم لتبكون عليه، وإنه ليعذّب فى قبره».
وقد روى إنكار هذا الخبر أيضا عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله، وأنها قالت لما أخبرت بروايته: وهل أبو عبد الرحمن كما وهل يوم قليب بدر، إنما قال عليه السلام: «إن أهل الميت ليبكون عليه، وإنه ليعذب بجرمه» /