حيّا؛ وقد علمنا أن المختصّ بفعل الحياة هو القديم تعالى، وفيما تحتاج إليه الحياة من البنية والمعانى ما يختص به عز وجل، ولا يدخل إلّا تحت مقدوره؛ كالرّطوبة وما يجرى مجراها؛ فمتى فعل القديم تعالى الحياة وما تحتاج

إليه من البنية- وهى مما يجوز عليه البقاء- وكذلك ما تحتاج إليه فليست (?) تنتفى إلا بضد يطرأ عليها، أو بضدّ ينفى ما تحتاج إليه؛ والأقوى أنه لا ضدّ لها فى الحقيقة (?)؛ وإنما ادّعى قوم أنّه ما يحتاج إليه، ولو كان للحياة ضدّ على الحقيقة لم يخلّ بما نقصده/ فى هذا الباب.

فمهما لم يفعل القديم تعالى ضدّها، أو ضدّ ما تحتاج إليه، ولا نقض ناقض بنية الحى استمرّ كون الحى حيا. ولو كانت الحياة لا تبقى على مذهب من رأى ذلك لكان ما قصدناه صحيحا، لأنه تعالى قادر على أن يفعلها حالا فحالا، ويوالى بين فعلها وفعل ما تحتاج إليه، فيستمرّ كون الحىّ حيا.

فأما ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان وعلوّ السن وتناقص بنية الإنسان، فليس مما لا بدّ منه، وإنما أجرى الله تعالى العادة بأن يفعل ذلك عند تطاول الزمان ولا إيجاب هناك، ولا تأثير للزمان على وجه من الوجوه، وهو تعالى قادر على أن يفعل ما أجرى العادة بفعله، وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أنّ تطاول العمر ممكن غير مستحيل، وإنما أتى من أحال ذلك من حيث اعتقد أنّ استمرار كون الحى حيّا موجب عن طبيعة وقوّة لهما مبلغ من المادة، متى انتهتا إليه [انقطعتا، واستحال أن تدوما] (?). ولو أضافوا ذلك إلى فاعل مختار متصرّف لخرج عندهم من باب الإحالة.

فأما الكلام فى (?) دخول ذلك فى العادة أو خروجه عنها، فلا شكّ فى أن العادة قد جرت فى الأعمار بأقدار متقاربة يعدّ الزائد عليها خارقا للعادة؛ إلّا أنّه قد ثبت أنّ العادة قد تختلف فى الأوقات وفى الأماكن أيضا، ويجب أن يراعى فى العادة إضافتها إلى من هى عادة له فى المكان والوقت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015