وأخبرنا المرزبانىّ قال أخبرنى عليّ بن يحيى عن عبد الله بن أبى سعد الورّاق عن خالد ابن يزيد بن وهب بن جرير عن عبد الله (?) بن محمد المعروف بمنقار من أهل خراسان- وكان من ولاة الرشيد- قال: حدّثني معن بن زائدة قال: كنا فى الصّحابة سبعمائة رجل، فكنا ندخل على المنصور فى كلّ يوم، قال: فقلت للربيع: اجعلنى فى آخر من يدخل عليه، فقال لى:
لست بأشرفهم فتكون فى أولهم، ولا بأخسّهم نسبا فتكون/ فى آخرهم، وإن مرتبتك لتشبه (?) نسبك. قال: فدخلت على المنصور ذات يوم، وعليّ درّاعة فضفاضة، وسيف حنفىّ (?) أقرع بنعله الأرض، وعمامة قد أسدلتها من قدامى وخلفى، فسلّمت عليه وخرجت، فلما صرت عند السّتر صاح بى: يا معن! صيحة أنكرتها، فلبيته فقال: إلى، فدنوت منه، فإذا به قد نزل عن فراشه إلى الأرض، وجثا على ركبتيه، واستلّ عمودا من بين فراشين، واستحال لونه، ودرّت أوداجه، وقال: إنك لصاحبى يوم واسط، لا نجوت إن نجوت منى! قال:
قلت: يا أمير المؤمنين، تلك نصرتى لباطلهم، فكيف نصرتى لحقك؟ قال: فقال لى: كيف قلت؟
فأعدت عليه القول، فما زال يستعيدنى حتى ردّ العمود إلى مستقره، واستوى متربعا، وأسفر لونه وقال: يا معن، إن باليمن هنات، قلت: يا أمير المؤمنين، «ليس لمكتوم رأى» - وهو أول من أرسلها مثلا- فقال: أنت صاحبى، فاجلس، قال: فجلست، وأمر الربيع بإخراج كل من كان فى الدار، وخرج الربيع، فقال لى: إنّ صاحب اليمن قد همّ بالمعصية، وإنى أريد أن آخذه أسيرا، ولا يفوتنى شيء من ماله، قلت: ولّنى اليمن وأظهر أنك قد ضممتنى إليه، ومر الربيع أن يزيح علّتى فى كل ما أحتاج إليه، ويخرجنى فى يومى هذا لئلا ينتشر الخبر، قال: فاستلّ عهدا من بين فراشين، فوقّع فيه اسمى وناولنيه، ثم دعا الربيع فقال:
يا ربيع، إنا قد ضممنا معنا إلى صاحب اليمن، فأزح علّته فيما يحتاج إليه من السلاح