تكافئا فى جواز كون أحدهما اسما والآخر خبرا؛ كما تتكافأ النكرات (?).
وحجة من رفع «البرّ» أنه: لأن يكون «البرّ» (?) الفاعل أولى؛ لأنّه ليس يشبه الفعل، وكون الفاعل بعد الفعل أولى من كون المفعول بعده؛ ألا ترى أنّك إذا قلت: قام زيد، فإن الاسم يلى الفعل. وتقول: ضرب غلامه زيد، فيكون التقدير فى الغلام التأخير، فلولا أن الفاعل أخصّ بهذا الموضع لم يجز هذا؛ كما لم يجز فى الفاعل: ضرب غلامه زيدا، حيث لم يجز فى الفاعل تقدير التأخير؛ كما جاز فى المفعول به، لوقوع الفاعل موقعه المختص به.
وحجة من نصب «البرّ» أن يقول: كون الاسم أن وصلتها أولى لشبهها بالمضمر فى أنها لا توصف، كما لا يوصف المضمر؛ فكأنه اجتمع مضمر ومظهر؛ والأولى إذا اجتمعا أن يكون المضمر الاسم من حيث كان أذهب فى الاختصاص من المظهر.
حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن عثمان بن يحيى بن جنيقا الدقاق قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحد الحكيمىّ الكاتب قراءة عليه قال أملى علينا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوىّ ثعلب قال أخبرنا ابن الأعرابىّ قال قال ابن الكلبىّ: لمّا كان بعد يوم الهباءة جاور قيس ابن زهير النّمر بن قاسط فقال لهم: إنى/ قد جاورتكم واخترتكم، فزوّجونى امرأة قد أدّبها الغنى، وأذلّها الفقر، فى حسب وجمال؛ فزوّجوه ظبية بنت الكيّس النّمرىّ. وقال لهم: إنّ فىّ خلالا ثلاثا؛ إنى غيور، وإنى فخور، وإنى أنف، ولست أفخر حتى أبدأ، ولا أغار حتى أرى، ولا آنف حتى أظلم.
فأقام فيهم حتى ولد له، فلما أراد الرحيل عنهم قال: إنى موصيكم بخصال، وناهيكم عن خصال؛ عليكم بالأناة، فإن بها تنال الفرصة، وتسويد من لا تعابون بتسويده، وعليكم بالوفاء؛ فإنّ به يعيش الناس، وبإعطاء من تريدون إعطاءه قبل المسألة، ومنع من تريدون