مزية فى باب رجوع الهاء التى وقع عنها (?) السؤال، وإنما يتبين مما تقدم بتقدير انتصاب ذوى القربى بالحب، وذلك غير ما وقع السؤال عنه؛ والأجوبة الأول أقوى وأولى.
فأما قوله: وَالْمُوفُونَ، ففى رفعه وجهان:
أحدهما أن يكون مرفوعا على المدح؛ لأنّ النعت إذا طال وكثر رفع بعضه، ونصب بعضه على المدح؛ ويكون المعنى: وهم الموفون بعهدهم، قال الزجّاج: وهذا أجود الوجهين.
والوجه الآخر أن يكون معطوفا على مَنْ آمَنَ، ويكون المعنى: ولكنّ ذا البرّ وذوى البرّ المؤمنون والموفون بعهدهم.
فأما نصب الصَّابِرِينَ ففيه وجهان:
أحدهما المدح، لأن مذهبهم فى الصفات والنعوت إذا طالت أن يعترضوا بينها (?) بالمدح أو الذم، ليميّزوا الممدوح أو المذموم ويفردوه، فيكون غير متبع لأول الكلام؛ من ذلك قول الخرنق بنت بدر بن هفّان:
لا يبعدن قومى الّذين هم … سمّ العداة وآفة الجزر (?)
النّازلين بكلّ معترك … والطّيّبين معاقد الأزر
فنصبت ذلك على المدح، وربما رفعوهما جميعا، على أن يتبع آخر الكلام أوله؛ ومنهم من ينصب «النازلين» ويرفع «الطيبين»، وآخرون يرفعون «النازلين» وينصبون «الطيبين»؛ والوجه فى النصب والرفع ما ذكرناه، ومن ذلك قول الشاعر، أنشده الفراء:
إلى الملك القرم وابن الهمام … وليث الكتيبة فى المزدحم
وذا الرّأى حين تغمّ الأمور … بذات الصّليل وذات اللّجم
فنصب «ليث الكتيبة وذا الرأى» على المدح. وأنشد الفرّاء أيضا: