وكان واصل ممّن لقى أبا هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفيّة وصحبه، وأخذ عنه، وقال قوم: إنه لقى أباه محمدا عليه السلام، وذلك غلط؛ لأن محمدا توفى سنة ثمانين أو إحدى وثمانين، وواصل ولد فى سنة ثمانين.

وواصل هو أول من أظهر المنزلة بين المنزلتين؛ لأن الناس كانوا فى أسماء أهل الكبائر من أهل الصلاة على أقوال؛ كانت الخوارج تسمّيهم بالكفر والشرك، والمرجئة تسمّيهم بالإيمان، وكان الحسن وأصحابه يسمّونهم بالنفاق، فأظهر واصل القول بأنّهم فسّاق غير مؤمنين، ولا كفار، ولا منافقين.

[مناظرة واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد فى القول بالمنزلة بين المنزلتين]

وكان عمرو بن عبيد من أصحاب الحسن وتلاميذه، فجمع بينه وبين واصل ليناظره فيما أظهر من القول بالمنزلة بين المنزلتين، فلما ووقفوا على الاجتماع ذكر أن واصلا أقبل ومعه جماعة من أصحابه إلى حلقة الحسن، وفيها عمرو بن عبيد جالس، فلما نظر إلى واصل، وكان/ فى عنقه طول واعوجاج قال: أرى عنقا لا يفلح صاحبها! فسمع ذلك واصل فلما سلّم عليه قال له:

يا ابن أخى، إن من عاب الصنعة عاب الصانع، للتعلق الّذي بين الصانع والمصنوع (?)؛ فقال له عمرو بن عبيد: يا أبا حذيفة، قد وعظت فأحسنت، ولن أعود إلى مثل الّذي كان منى.

وجلس واصل فى الحلقة، وسئل أن يكلّم عمرا فقال واصل لعمرو: لم قلت إنّ من أتى كبيرة من أهل الصلاة استحق اسم النفاق؟ فقال عمرو: لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ؛ [النور: 4]، ثم قال فى موضع آخر: إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ؛ [التوبة: 67]، فكان كلّ فاسق منافقا؛ إذ كانت ألف ولام المعرفة موجودتين فى الفاسق؛ فقال له واصل: أليس قد وجدت الله تعالى يقول: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ؛ [المائدة: 45]، وأجمع أهل العلم على أنّ صاحب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015