فأما أهل السماء فمقتوك، وأما أهل الأرض فغرّوك، ثم قال: أبى الله تعالى للميثاق الّذي أخذه على أهل العلم ليبيّننّه للناس ولا يكتمونه. ثم انصرف وبلغ الحجاج ذلك فقال: يا أهل الشام- وهم حوله: آلله (?) ليقومنّ (?) عبيد من عبيد أهل البصرة، ويتكلم فىّ بما يتكلم، ولا يكون عند أحد منكم تغيير ولا نكير! قالوا: ومن ذاك أصلحك الله! اسقنا دمه، فقال: عليّ به، وأمر بالنّطع والسيف فأحضرا، ووجّه إليه، فلما دنا الحسن من الباب، حرّك شفتيه والحاجب ينظر إليه، فلما دخل قال له الحجاج: هاهنا، وأجلسه قريبا من فرشه، وقال له: ما تقول فى عليّ وعثمان؟ قال: أقول قول من هو خير منى عند من هو شرّ منك، قال موسى عليه السلام لفرعون إذ قال له: فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى. قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى؛ [طه: 51 - 52]؛ علم عليّ وعثمان عند الله تعالى، فقال له الحجاج: أنت سيد العلماء يا أبا سعيد، ثم دعا بغالية فغلّل بها لحيته، فلما خرج الحسن اتّبعه الحاجب، فقال: يا أبا سعيد، لقد دعاك لغير ما فعل بك، ولقد أحضر السيف والنّطع، فلما أقبلت رأيتك قد حرّكت شفتيك بشيء، فما قلت؟ قال: قلت يا عدّتى عند كربتى، ويا صاحبى عند شدتى، ويا ولىّ نعمتى، ويا إلهى وإله آبائى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ارزقنى مودّته، واصرف عنى أذاه ومعرّته؛ ففعل ربى عز وجل ذلك.
وكان الحسن يقول: ما زال النفاق مقموعا حتى عمّم هذا عمامة؛ وقلّد سيفا.
- يعنى الحجاج.