وأخلقوا الدين، يتّكئ أحدهم على شماله، فيأكل من غير ماله؛ طعامه غصب، وخدمه سخرة؛ يدعو بحلو بعد حامض، وبحارّ بعد بارد، ورطب (?) بعد يابس؛ حتى إذا أخذته الكظّة، تجشّأ من البشم، ثم قال: يا جارية، هاتى حاطوما (يعنى هاضوما) يهضم الطّعام؛ يا أحيمق! لا والله لن تهضم إلا دينك، أين جارك! أين يتيمك! أين مسكينك! أين ما أوصاك الله عزّ وجلّ به! ».
وذكر يوما الحجاج فقال: «أتانا أعيمش أخيفش، له جميمة يرجّلها، وأخرج إلينا بنانا قصارا، والله ما عرق فيها عنان فى سبيل الله، فقال: بايعونى، فبايعناه، ثم رقى هذه الأعواد ينظر إلينا بالتصغير، وننظر إليه بالتعظيم؛ يأمرنا بالمعروف ويجتنبه، وينهانا عن المنكر ويرتكبه».
وروى عيسى بن عمر قال: قال الحسن: «إنّ هذه القلوب طلعة (?) فاقدعوها، فإنّكم إن تطيعوها تنزع بكم إلى شرّ غاية، وحادثوا هذه النفوس، فإنها سريعة الدّثور».
قال عيسى بن عمر: فحدثت بذلك أبا عمرو بن العلاء، فعجب من فصاحته.
وكان يقول فى بعض كلامه: «ما يشاء أن ترى أحدهم أبيّض بضّا، يملخ فى الباطل ملخا، ينفض مذرويه ويقول: ها أنا ذا فاعرفونى».
قال: فالبضّ، هو الرّخص اللّحم، وليس هو من البياض على ما يظنّه قوم؛ لأنه قد تكون الرّخاصة مع الأدمة. وأما قوله «يملخ» فإن الملخ هو التّثنّى والتكسّر، يقال ملخ الفرس إذا لعب (?)؛ قال رؤبة يصف الحمار:
* معتزم التّجليح ملّاخ الملق (?) *