صلى الله عليه وآله لسعد بن عبادة، وقد سأله عمّن وجد مع امرأته رجلا، أيقتله؟ / فقال صلى الله عليه وآله: لا، حتى يأتى بأربعة شهداء، ولو لم يكن للشهداء إذا حضروا تعمّد النظر إلى عورتيهما لإقامة الشهادة كان حضورهم كغيبتهم، ولم تقم شهادة الزّنا؛ لأن من شرطها مشاهدة العضو فى العضو كالميل فى المكحلة.
فإن قيل: كيف جاز لأمير المؤمنين الكفّ عن القتل، ومن أى جهة آثره لما وجده أجبّ، وأىّ تأثير لكونه أجبّ فيما استحقّ به القتل وهو نقض العهد؟ قلنا: إنه عليه السلام لما فوّض إليه الأمر فى القتل والكفّ كان له أن يقتله على كلّ حال، وإن وجده أجبّ؛ لأنّ كونه بهذه الصفة لا يخرجه من نقض العهد، وإنما آثر الكفّ الّذي كان إليه، ومفوّضا إلى رأيه، لإزالة التهمة والشك الواقعين فى أمر مارية، ولأنه أشفق من أن يقتله، فيتحقّق الظنّ ويلحق بذلك العار، فرأى عليه السلام أن الكفّ أولى لما ذكرناه.
فأمّا غريب الحديث (?) فقوله: «شغر [برجليه» يريد رفعهما] (?)، وأصله فى وصف الكلب إذا رفع رجله للبول، فأما نكاح الشّغار (?) - وقد قيل الشّغار بالفتح- فهو أن يزوّج الرجل من هو ولىّ لها من بنت أو أخت غيره، على أن يزوجه بنته أو أخته بغير مهر. وكان أحد العرب فى الجاهلية يقول للآخر: شاغرنى؛ أى زوّجنى حتى أزوّجك؛ وأظنه مأخوذا من الشّغر الّذي هو رفع الرجل، لأن النكاح فيه معنى الشّغر، فسمّى هذا العقد شغارا ومشاغرة، لإفضائه فى كل واحد من المزوّجين (?) إلى معنى الشّغر، وصار اسما لهذا النكاح كما قيل فى الزنا سفاح، لأن الزانيين يتسافحان الماء، أى يسكبانه، والماء هو النّطفة، ويمكن أن يكون أيضا الماء الّذي يغتسلان به، فكنّى بذلك عن الزناء (?) ثم صار اسما له وعلما عليه.