العلم إذا كانت تقع من جاهل؛ ويكون سببها المولد؛ وإذا كانت الإصابة بالمواليد فالنظر فى علم النجوم عبث ولعب لا يحتاج إليه؛ لأن المولد إن اقتضى الإصابة أو الخطأ فالتعلّم لا ينفع، وتركه لا يضرّ؛ وهذه علة تسرى إلى كل صنعة حتى يلزم أن يكون كل شاعر مفلق، وصانع حاذق، وناسج للديباج، ومدبّق لا علم له بتلك الصناعة؛
وإنما اتفقت الصنعة بغير علم لما تقتضيه كواكب مولده، وما يلزم على هذا من الجهالات لا يحصى.
واعلم أن التعب بعلم مراكز الكواكب وأبعادها وأشكالها وتسييراتها متى لم تكن ثمرته العلم بالأحكام، والاطلاع على الحوادث قبل كونها لا معنى له ولا غرض فيه؛ لأنه لا فائدة فى أن يعلم ذلك كلّه، وتختص نفس العلم به، وما يجرى الاطلاع على ذلك إذا لم تتعد المعرفة إلى العلم بالأحكام إلا مجرى العالم بعدد الحصى وكيل النوى، ومعرفة أطوار الجبال وأوزانها.
وكما أن العناء فى تعرّف ذلك عبث وسفه لا يجدى نفعا، فكذلك العلم بشكل الفلك وتسييرات كواكبه وأبعادها، والمعرفة بزمان قطع كل كوكب للفلك وتفاصيلها فيه، وما شقى (?) القوم بهذا الشأن وأفنوا أعمارهم إلّا لتقديرهم أنه يفضى إلى معرفة الأحكام؛ فلا تغترّ بقول من يقول منهم: إنا ننظر فى ذلك لشرف نفوسنا بعلم الهيئة ولطيف ما فيها من الأعاجيب؛ فإن ذلك تجمّل منهم، وتقرّب إلى أهل الإسلام، ولولا أن غرضهم معرفة الأحكام لما تعنّوا بشيء من ذلك كلّه، ولا كانت فيه فائدة، ولا منه عائدة.
ومن أدلّ الدليل على بطلان أحكام النجوم أنّا قد علمنا أنّ من جملة معجزات الأنبياء عليهم السلام الإخبار عن الغيوب، وعدّ ذلك خارقا للعادات؛ كإحياء الميت وإبراء الأكمه والأبرص؛ ولو كان العلم بما يحدث طريقا نجوميا، لم يكن ما ذكرناه معجزا ولا خارقا للعادة.
وكيف يشتبه على مسلم بطلان أحكام النجوم، وقد أجمع المسلمون قديما وحديثا على تكذيب المنجمين، والشهادة بفساد مذاهبهم وبطلان أحكامهم! ومعلوم من دين الرسول عليه السلام ضرورة التكذيب بما يدّعيه المنجمون، والإزراء عليهم؛ والتعجيز لهم؛ وفى الروايات عنه عليه السلام من ذلك ما لا يحصى كثرة؛ وكذلك عن علماء أهل بيته عليهم السلام وخيار