مسألة

سئل رضى الله عنه فقيل: ما القول فيما يخبر به المنجّمون من وقوع حوادث، ويضيفون ذلك إلى تأثيرات النجوم؟

وما المانع من أن تؤثر الكواكب على حدّ تأثير الشمس الأدمة (?) فينا؟

وإن كان تأثير الكواكب مستحيلا فما المانع من أن تكون التأثيرات من فعل الله تعالى بمجرى العادة عند طلوع هذه الكواكب وانتقالها؟

فلينعم ببيان ذلك؛ فإن الأنفس إليه متشوقة.

وكيف تقول: إن المنجمين حادسون (?)؛ مع أنه لا يفسد من أقوالهم إلا القليل؛ حتى إنهم يخبرون بالكسوف ووقته ومقداره فلا يكون إلا على ما أخبروا به؛ فأىّ فرق بين إخبارهم بحصول هذه التأثيرات فى هذا الجسم، وبين حصول تأثيرها فى أجسامنا؟

الجواب، اعلم أن المنجمين يذهبون إلى أن الكواكب تفعل فى الأرض ومن عليها أفعالا يسندونها إلى طباعها، وما فيهم أحد يذهب إلى أن الله تعالى أجرى العادة؛ بأن يفعل عند قرب بعضها من بعض، أو بعده أفعالا من غير أن يكون للكواكب أنفسها تأثير فى ذلك، ومن ادّعى هذا المذهب الآن منهم فهو قائل بخلاف ما ذهبت القدماء فى ذلك، ومتجمّل بهذا المذهب عند أهل الإسلام، ومتقرب إليهم بإظهاره. وليس هذا بقول لأحد ممن تقدم

وكأن الّذي كان يجوز أن يكون صحيحا- وإن دلّ الدليل على فساده- لا يذهبون إليه؛ وإنما يذهبون إلى المحال الّذي لا يمكن صحته؛ وقد فرغ المتكلّمون من الكلام فى أنّ الكواكب لا يجوز أن تكون فينا فاعلة، وتكلمنا نحن أيضا فى مواضع على ذلك، وبيّنّا بطلان الطبائع التى يهذون بذكرها، وإضافة الأفعال إليها، وبيّنا أن الفاعل لا بدّ أن يكون حيّا قادرا. وقد علمنا أن الكواكب ليست بهذه الصفة، فكيف تفعل وما يصحّح الأفعال مفقود فيها! وقد سطر المتكلمون طرفا كثيرة فى أنها ليست بحية ولا قادرة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015