وسئل أيضا رضى الله تعالى عنه عن قوله تعالى: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ؛ [البقرة: 49].
فقال: أىّ شيء فى استحياء النساء من سوء العذاب؟ وإنما العذاب فى ذبح الأبناء!
فقال: أمّا قتل الذكور واستبقاء الإناث فهو ضرب من العذاب والإضرار؛ لأنّ الرجال هم الذين يردعون النساء عما يهممن به من الشر، وهو واقع منهن فى الأكثر مع الرّدع؛ فإذا انفردن وقع الشرّ ولا مانع؛ وهذه مضرّة عظيمة.
ووجه آخر وهو أن الراجع إلى قوله: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ هو قتل الأبناء دون استبقاء النساء؛ وإنما ذكر استحياء النساء لشرح كيفية الحال؛ لا لأنّ من جملة العذاب ذلك؛ كما يقول أحدنا: فلان عذبنى بأن أدخلني داره وعليه ثياب فلانية، وضربنى بالمقارع وفلان حاضر؛ وليس كلّ ما ذكره من جملة العذاب؛ وإنما العذاب هو الضرر دون غيره، وذكر الباقى على سبيل الشرح للحال.
ووجه آخر، وهو أنه روى أنهم كانوا يقتلون الأبناء، ويدخلون أيديهم فى فروج النساء لاستخراج الأجنّة من بطون الحوامل؛ فقيل: يستحيون النّساء، اشتقاقا من لفظة الحياء وهو الفرج؛ وهذا عذاب ومثلة، وضرر شديد لا محالة.