فإن قيل: أىّ فائدة فى تخصيص الذين آمنوا وعملوا الصالحات بنفى الجناح فيما يطعمونه بالشرط المذكور؟ ومن ليس بمؤمن يشاركهم فى هذا الحكم مع ثبوت الشرط!
قلنا: تعليق الحكم بالصفة أو الاسم لا يدلّ على نفيه عمن عدا المسمى أو الموصوف؛ وقد دلّ العلماء على ذلك فى مواضع كثيرة؛ وليس بممتنع على المذهب الصحيح أن يعلّق الحكم باسم أو صفة، ويكون من عدا الموصوف أو المسمى مشاركا فى ذلك الحكم.
وقد قيل: إن السبب فى نزول هذه الآية أنّه لما نزل تحريم الخمر قال المسلمون: كيف بإخواننا الذين تناولوا الخمر قبل نزول تحريمها، وماتوا وهى فى أجوافهم؟ وكيف بإخواننا الطائفين فى أطراف البلاد وهم لا يشعرون بهذا التحريم؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية تطييبا لنفوسهم، وإعلاما لهم: أن من يطعم- ما لم يبيّن له تحريمه- لا جناح عليه.
وقيل أيضا: إن الآية وردت فى قوم حرّموا على أنفسهم اللحوم، وسلكوا طريق الترهّب؛ كعثمان بن مظعون وغيره، فبيّن الله سبحانه أن الحلال لا جناح فى تناوله، وإنما يجب التجنّب للمحرّم، وهذه الأسباب لا تبقى معها مسألة عن سبب تخصيص المؤمنين بنفى الجناح.
وكل هذا واضح.