هَاجَرَ أَبِي صَفْوَانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلامِ , فَمَدَّ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَمَسَحَ عَلَيْهَا , فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: إِنِّي أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» .
وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ قُدَامَةَ حَيْثُ أَرَادَ الْهِجْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، دَعَا قَوْمَهُ وَبَنِي أَخِيهِ لِيَخْرُجُوا مَعَهُ , فَأَبَوْا عَلَيْهِ , فَخَرَجَ وَتَرَكَهُمْ , وَخَرَجَ مَعَهُ بِابْنَيْهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ , وَكَانَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ الْعُزَّى وَعَبْدَ نُهْمٍ فَغَيَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَيْهِمَا، فَسَمَّاهُمَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَعَبْدَ اللَّهِ , فَقَالَ فِي ذَلِكَ ابْنُ أَخِيهِ نَصْرُ بْنُ قُدَامَةَ يَذْكُرُ خُرُوجَ صَفْوَانَ وَوَحْشَتَهُمْ لِفُرَاقِهِ:
تَحَمَّلَ صَفْوَانُ فَأَصْبَحَ غَادِيًا ... بِأَبْنَائِهِ عَمْدًا وَخَلَّى الْمَوَالِيَا
طِلابَ الَّذِي يَبْلَى وَآثَرَ غَيْرَهُ ... لَشَتَّانَ مَا يَفْنَى وَمَا كَانَ بَاقِيَا
فَأَصْبَحْتُ مُخْتَارًا لأَمْرٍ مُفَنَّدٍ ... وَأَصْبَحَ صَفْوَانُ بِيَثْرِبَ بَادِيًا
بِأَبْنَائِهِ جَارَ الرَّسُولِ مُحَمَّد ... مُجِيبًا لَهُ إِذْ جَاءَ بِالْحَقِّ دَاعِيًا
فَيَا لَيْتَنِي يَوْمَ الْحُنَيْنِ اتَّبَعْتُهُمْ ... قَضَى اللَّهُ فِي الأَشْيَاءِ مَا كَانَ قَاضِيًا.
فَأَجَابَهُ عَمُّهُ صَفْوَانُ بْنُ قُدَامَةَ، فَقَالَ:
مَنْ مُبْلِغٌ نَصْرًا رِسَالَةَ عَاتِبٍ ... بِأَنَّكَ بِالتَّقْصِيرِ أَصْبَحْتَ رَاضِيًا.
قَالَ مُوسَى: وَذَهَبَ بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ