هديته إلى الطريق وللطريق، كما قال: {قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} (?) فالمعنى على هذا/القول: وما أرسلناك إلاّ إلى الناس كافّة، فالتأنيث فى قوله «كافّة» للجمع، كما تقول: جاء القوم كافّة، ومثله: {اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (?) وقال الزجّاج: إن «كافّة» حال من الكاف فى «أرسلناك» ولحقت الهاء «كافّة» للمبالغة فى الوصف بالكفّ، أى أرسلناك كافّا (?) للناس، فاللام فى هذا القول على معناها، وإنما لم يجعل «كافّة» حالا من الناس، لأن حال المجرور لا يتقدّم عليه.

وذهب ثعلب، وهو مذهب الفرّاء، إلى أن الهاء فى قولهم: علاّمة ونسّابة وراوية، للتأنيث لا للمبالغة فى الوصف، وكذلك رجل مجذامة ومطرابة ومعزابة، قال: وذلك إذا مدحوه، كأنهم أرادوا به داهية، وكذلك إذا ذمّوه فقالوا: رجل لحّانة، ورجل هلباجة جخابة فقاقة، كأنهم أرادوا به بهيمة (?).

والذى ذهب إليه البصريون من أن المراد بتأنيث هذه الأوصاف المبالغة فى الوصف، هو الوجه؛ لأنه قد جاء من هذا القبيل ما هو خارج عن معنى الداهية والبهيمة، وذلك نحو قولهم: رجل ملولة ورجل صرورة: للذى لم يحجج قطّ.

ومن منكرى قول الفراء وأحمد بن يحيى أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه فى تصحيحه للكتاب، الذي سماه ثعلب: الفصيح، قال: إنّ الداهية نفسها لم توضع للمدح خاصّة، ولكنها تطلق على الخير والشر إذا جاوز الحدّ فى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015