و «من» للاستفهام عن العقلاء، و «ما» يستفهم بها عن ذوات غير العقلاء، وعن صفات العقلاء، فذوات غير العقلاء ضربان: أجسام وأحداث، والأجسام ضربان: أحدهما الحيوانات الصّوامت، والآخر الجمادات والنباتات والمائعات، وغير ذلك، يقول القائل: ما معك؟ فتقول: فرس أو دينار أو غصن آس، أو ماء ورد، ومثال الاستفهام بها عن صفات العقلاء، أن تقول: من عندك؟ فتقول: زيد، فيستفهمك بعد ذلك عن صفته، فيقول: وما زيد؟ فتقول: رجل طويل أسمر بزّاز، وفى التنزيل: {قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ} (?).

و «كم» يستفهم بها عن الأعداد، وأىّ تستغرق هذا كلّه، لأن الإضافة/ تلزمها، لفظا أو تقديرا، فهى عبارة عن بعض ما تضاف إليه.

فصل

والاستفهام يقع صدر الجملة، وإنما لزم تصديره، لأنك لو أخّرته تناقض كلامك، فلو قلت: جلس زيد أين؟ وخرج محمد متى؟ جعلت أول كلامك جملة خبرية، ثم نقضت الخبر بالاستفهام، فلذلك وجب أن تقدّم الاستفهام، فتقول: أين جلس (?) زيد؟ ومتى خرج محمد؟ لأنّ مرادك أن تستفهم عن مكان جلوس زيد، وزمان خروج محمد، فزال بتقديم الاستفهام التناقض.

فصل

وقد ورد الاستفهام بمعان مباينة له، فمن ذلك مجيئه بمعنى الأمر، كقوله تعالى:

{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (?) أى انتهوا، ومثله: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ} (?) أى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015