فحقيقة «قدمنا»: عمدنا، وقدمنا أبلغ، لأنه دلّ فيه على ما كان من إمهاله لهم، حتى كأنه كان غائبا عنهم ثم قدم، فاطّلع منهم على غير ما ينبغى، فجازاهم بحسبه، وقوله: {فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} حقيقته: أبطلناه حتى لم يحصل منه شيء، فالاستعارة هاهنا أبلغ من الحقيقة.

ومن ذلك قوله: {إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ} (?) حقيقة «طغا» علا وطما، فالاستعارة أبلغ، لأن فيها دلالة على القهر، وذلك أن الطّغيان علوّ فيه غلبة وقهر.

ومن ذلك قوله تعالى: {وَاِشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} (?) حقيقته: كثر الشّيب فى الرأس وظهر، فاستعار له الاشتعال، لفضل ضياء النار على ضياء الشّيب.

ومن ذلك قوله: {إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً} (?) استعار له السّراج، أو للقرآن، فى قول من قدّر حذف مضاف، فأراد: وذا سراج منير.

ومن ذلك استعارة النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم للغيرة أنفا، وقد رأى عليّا وفاطمة عليهما السلام، فى بيت فردّ الباب عليهما، وقال: «جدع الحلال أنف الغيرة (?)».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015