وأنشد سيبويه فى ذلك للأسود بن يعفر (?):
أحقّا بنى أبناء سلمى بن جندل … تهدّدكم إيّاى وسط المجالس
وأنشد:
أحقّا أنّ جيرتنا استقلّوا … فنيّتنا ونيّتهم فريق (?)
فى أبيات أخر. فهذا أحد المذهبين، والمذهب الآخر مذهب الخليل، وذلك أنه يرفع اسم الحدث بالابتداء، ويخبر عنه بالظّرف المتقدّم، حكى ذلك عنه سيبويه فى قوله: وزعم الخليل أن التهدّد هاهنا-يعنى فى بيت الأسود-بمنزلة «الرحيل بعد غد» وأنّ «أنّ» بمنزلته، وموضعها كموضعه (?). انتهت حكايته عن الخليل.
وأقول: إن اعترض معترض، وقال: كيف تحكمون على «أنّ» المفتوحة بالابتداء، والعرب لم تبتدئ بها.
فالجواب: أنهم لم يبتدءوا بها لئلاّ يعرّضوها لدخول «إنّ» المكسورة عليها، وإذا كانوا قد كرهوا دخول المكسورة على لام التوكيد؛ لأنهما بمعنى واحد، فكراهيتهم لدخولها على «أنّ» مع تقارب لفظيهما واتفاقهما فى العمل والمعنى،