وقد زعمت بسباسة اليوم أنّنى … كبرت وأن لا يحسن السّرّ أمثالى (?)
وقال الراجز (?):
قد قارعت معن قراعا صلبا … قراع قوم يحسنون الضّربا
فقول أبى الطّيّب: «أن لا يحسنا» معمول الإحسان، فكأنه قال:
ولا يستكنّ بين ضلوعه أن يحسن أن لا ينعم، ومثله قول الآخر:
يحسن أن يحسن حتى إذا … رام سوى الإحسان لم يحسن (?)
المعنى: يجيد أن ينعم حتّى إذا ما رام سوى الإنعام لم يجد ما رامه.
ومن قيله:
منى كنّ لى أنّ البياض خضاب … فيخفى بتبييض القرون شباب (?)
ليالى عند البيض فوداى فتنة … وفخر وذاك الفخر عندى عاب
منى: مبتدأ وإن كان نكرة، وقد يفيد الابتداء بالنكرة إذا أخبرت عنها بجملة تتضمّن اسما معرفة، كقولك: امرأة خاطبتنى، وكذلك إن أخبرت بظرف مضاف إلى معرفة، كقولك: رجل خلفك، قال الهذيل بن مجاشع:
ونار القرى فوق اليفاع ونارهم … مخبّأة، بتّ عليها وبرنس (?)
البتّ: الكساء الغليظ، وإنما ضعف الابتداء بالنكرة؛ لأن النفس تتنبّه بالمعرفة على طلب الفائدة، وإذا كان المخبر عنه مجهولا كان المخبر حقيقا باطّراح الإصغاء إلى