وقال فى نصب اليوم، من قوله: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} (?): يوم منصوب ب‍ {يُحَذِّرُكُمُ} أى: ويحذّركم الله نفسه فى يوم تجد، ثم قال: وفيه نظر. وقال: ويجوز أن يكون العامل فيه فعلا مضمرا، أى:

واذكر يا محمد يوم تجد، ويجوز أن يكون العامل فيه {الْمَصِيرُ} أى: وإليه المصير فى يوم تجد، ويجوز أن يكون العامل فيه {قَدِيرٌ}، أى قدير فى يوم تجد (?).

انتهى كلامه.

وأقول: إنه لا يجوز أن يكون العامل فيه {يُحَذِّرُكُمُ}؛ لأنّ تحذير الله للعباد إنما يكون فى الدّنيا دون الآخرة، ولا يصحّ أن يكون مفعولا به، كما كان كذلك فى قوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} (?)، وقوله: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ} (?)، وقوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} (?)، وإنما لم يجز أن يكون اليوم فى هذه الآيات ظرفا؛ لأنّ الإنذار لا يكون فى يوم القيامة. فانتصب اليوم فيهنّ انتصاب الصاعقة فى قوله: {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً} (?)، وإنما لم يصحّ أن يكون اليوم فى قوله: {يَوْمَ تَجِدُ} مفعولا به؛ لأنّ الفعل من قوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} قد تعدّى إلى ما يقتضيه من المفعول به، ولا يجوز أن يعمل فيه المصدر الذى هو {الْمَصِيرُ} للفصل بينهما (?)، ولا يعمل فيه أيضا {قَدِيرٌ}؛ لأنّ قدرة الله على الأشياء كلّها لا تختصّ بزمان دون زمان (?)، فبقى أن يعمل فيه المضمر الذى هو «اذكر»،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015