وهما لم يستسقيا فى الحقيقة ماء، وإنما استطلق أحدهما أسيرا، وطلب الآخر عطاء؛ ولذلك سمّوا السّائل والمجتدى مستميحا، أخذوه من الميح، وهو أن يجمع المائح الماء فى الدّلو، والمائح: الذى ينزل إلى البئر فيملأ الدّلاء.

ثم إن سباع الطير قد تلغ فى الدّماء، ولذلك قال أبو تمام:

بعقبان طير فى الدّماء نواهل

والنّهل لا يكون إلاّ من المشروب دون المطعوم. وقد كرّر أبو الطيّب هذا المعنى فغيّره وألطف، فجاء كالمعنى المخترع، قال (?):

تفدّى أتمّ الطير عمرا سلاحه … نسور الملا أحداثها والقشاعم

وما ضرّها خلق بغير مخالب … وقد خلقت أسيافه والقوائم

وذكر الطير فى موضع آخر، فأحسن وجاء بما لم يسبق إليه فقال (?):

يطمّع الطّير فيهم طول أكلهم … حتى تكاد على أحيائهم تقع

ومن مستحسن ما قيل فى هذا المعنى قوله أيضا فى وصف جيش:

وذى لجب لا ذو الجناح أمامه … بناج ولا الوحش المثار بسالم (?)

قال أبو الفتح: أراد أن الجيش يصيد الوحش، والعقبان فوقه تسايره فتخطف الطير أمامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015