فصل
اختلف القرّاء فى رفع النّون ونصبها، من قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (?)
فقرأ نافع والكسائىّ، وحفص عن عاصم {بَيْنَكُمْ} نصبا، وقرأه الباقون رفعا (?).
قال أبو علي: البين: مصدر بان يبين، إذا فارق، واستعمل هذا الاسم على ضربين، أحدهما: أن يكون اسما متصرّفا كالافتراق.
والآخر: أن يكون ظرفا ثم استعمل اسما، والدليل على جواز كونه اسما قوله: {وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ} (?) و {هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} (?) فلمّا استعمل اسما فى هذه المواضع، جاز أن/يسند إليه الفعل الذى هو {تَقَطَّعَ} فى قول من رفع.
ويدلّ على أن هذا المرفوع هو الذى استعمل ظرفا: أنه لا يخلو من أن يكون الذى هو ظرف اتّسع فيه، أو يكون الذى هو مصدر، فلا يجوز أن يكون هذا القسم؛ لأن التقدير يصير: لقد تقطّع افتراقكم، وهذا خلاف المعنى المراد، ألا ترى أن المراد لقد تقطّع وصلكم وما كنتم تتألّفون عليه.
فإن قلت: كيف جاز أن يكون بمعنى الوصل، وأصله الافتراق والتباين، وعلى هذا قالوا: بان الخليط، إذا فارق، وفى الحديث «ما بان من الحيّ فهو ميتة» (?).