وأقول: إنّ قربك زيدا، تقديره: فى قربك، ولم يجز: إنّ بعدك زيدا، لأنهم لم يصرّفوا البعد تصريف القرب، فيقولوا: إن فى بعدك زيدا؛ لعلّة أذكرها لك:
قال النحويّون: إنما صار الدّنوّ أشدّ تمكّنا؛ لأن الظروف موضوعة على القرب، أو على أن يكون ابتداؤها من قرب، فالموضوع على القرب: عند ولدن، وما كان فى معناهما، يريدون بما كان فى معناهما: صددك وصقبك (?) وتجاهك وإزاءك وحذاءك وتلقاءك وقبلك (?) وقبالتك، ونحو ذلك.
وأمّا ما يكون ابتداؤه من قرب: فالجهات المحيطة بالأشياء، كقدّام وخلف ويمنة ويسرة وفوق وتحت، فإذا قلت: زيد خلف عمرو، فهو مطلوب خلفه من أقرب ما يليه؛ لأنّ للقرب حدّا، والبعد لا نهاية له ولا حدّ.
ويكشف هذا أننا إذا قلنا: قربك زيد، طلبه المخاطب فيما قرب منه، وذلك ممكن مفهوم، وإذا قلنا: بعدك زيد، لم يمكن ذلك فيه.
ونذكر ما قاله المفسّرون فى تذكير {قَرِيبٌ} مع تأنيث الرحمة، من قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (?) قال أبو إسحاق الزجّاج: إنما قيل