فى الآية إيذان بأنّ حقّها الوقوع فى أوّل الكلام، وسوّغ ذلك أنها لمجرّد التوكيد، فاللفظ بها يفيد التوكيد، تقدّمت أو تأخرت، وليست بعاملة كعلى، في قول الراجز:

إنّ الكريم وأبيك يعتمل … إن لم يجد يوما على من يتّكل (?)

أراد: من يتّكل عليه، وهذا تقديم قبيح، سوّغته الضّرورة (?)، وقد اعترض على هذا القول بأن اللام فى صلة «من» فتقديمها على الموصول غير جائز.

/والجواب عن هذا الاعتراض: أنها حرف لا يفيد إلاّ التوكيد، وليست بعاملة كمن المؤكّدة، فى نحو: ما جاءني من أحد، فدخولها وخروجها سواء، فلذلك جاز تقديمها.

ويمكن أن لا تكون «من» هاهنا موصولة، بل تكون نكرة، فى معنى شيء، مثلها فى قول سويد بن أبى كاهل:

ربّ من أنضجت غيظا صدره … قد تمنّى لى موتا لم يطع (?)

أراد ربّ إنسان، وكذلك هى فى قول كعب بن مالك الأنصاريّ (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015