فالجمود مباين للفعلية، فاستحقّ بمخالفته للأفعال، إلاّ ما شذّ منها، أن يلحق بالأسماء.

الجواب من البصريّين: ليس جموده لأنه اسم، ولكنه فعل سلب التصرّف لأمرين، أحدهما: أنّ واضعى اللغة لمّا لم يصوغوا للتعجّب حرفا يدلّ عليه، / جعلوا له صيغة لا تختلف؛ ليكون ذلك أمارة للمعنى الذى حاولوه، فيدلّ لفظه بلزومه وجها واحدا أنه تضمّن معنى ليس له فى أصله، فلمّا دخل معنى التعجّب على لفظ، متى زال عن هيأته زال المعنى المراد به، وجب أن لا يعدلوا إلى لفظ آخر.

والثانى: أنه إنما لم يصرّف؛ لأن المضارع يحتمل زمانين: الحاضر والمستقبل، وإنما يتعجّب فى الأغلب مما هو موجود ومشاهد، وقد يتعجّب ممّا مضى، ولا يكون التعجّب ممّا لم يقع، فكرهوا استعمال لفظ يحتمل الدلالة على الاستقبال؛ لئلاّ يصير اليقين شكّا، ولمّا كرهوا استعمال المضارع كانوا لاسم الفاعل أكره، لأنه لا يخصّ زمانا، فلذلك لم يقولوا: ما يحسن زيدا، ولا ما محسن زيدا، واستعملوا لفظ الماضى، والمعنى معنى الحال، لأن التعجّب معنى حادث عند رؤية شيء متعجّب منه، أو سماعه.

ويدلّك على أنه ماض فى اللفظ دون المعنى، أنه إذا أريد ما مضى قيل: ما كان أحسن زيدا! فلولا أنه حال فى المعنى لما دخلت «كان» حين أريد المضىّ، فلهاتين العلّتين سلبوه التصرّف، وليس عدم التصرّف بموجب له الاسميّة، بدليل أنّ «ليس وعسى» فعلان غير متصرّفين بإجماع، فعدم التصرّف فى الفعل لعلّة أوجبت له ذلك لا يدخله فى حيّز الاسم.

الجواب من الفرّاء وأصحابه: إنّ «ليس وعسى» لم ينضمّ إلى سلب تصرّفهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015