ومثل ذلك فى ارتكاب اللّبس، أنك تقول: «لا تأكل السّمك وتشرب اللّبن (?)»، فتكسر الباء إذا أردت أن تنهاه عن أكل هذا وشرب هذا، على كلّ حال، فإن أردت أن تنهاه عن الجمع بينهما فتحت آخر «تشرب» فلو حرّكوا المجزوم للقاء السّاكن بالفتح وقع لبس بين هذين النّهيين، فلما خشوا اللّبس فى هذا ونحوه حرّكوا المجزوم بحركة لا تعرب بها الأفعال، ثم حملوا ما سكونه وقف على ما سكونه جزم.

فإن قيل: لم كسروا المجزوم والموقوف لمّا وقعا فى القوافى المطلقة، كقوله (?):

وكم دهمتنى من خطوب ملمّة … صبرت عليها ثمّ لم أتخشّع

فأدركت ثأرى والذى قد فعلتم … قلائد فى أعناقكم لم تقطّع

وكقول عدىّ بن زيد (?):

إذا أنت لم تنفع صديقك جاهدا … ولم تنك بالبوسى عدوّك فابعد

إذا أنت فاكهت الرّجال فلا تلع … وقل مثل ما قالوا ولا تتزيّد (?)

فعن ذلك جوابان، أحدهما: أنهم لما اضطرّوا إلى تحريك المجروم لإطلاق القافية، لم يخل أن يحرّك بالكسرة أو بإحدى أختيها، فلم يجز أن يحرّك بالضمة ولا الفتحة؛ كراهة أن يلتبس بالمرفوع أو المنصوب، فلما وجب تحريكه بالكسر، حملوا عليه ما سكونه الوقف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015