كان مثلك أحدا". لأن الخبر هو المقصود بالنفي. فإذا قال: ما كان أحد مثلك، فقد نفي مماثلة كل أحد له، لأن الضمير المرفوع في "مثل" لأحد، والكاف في معنى المفعول. والمعنى: ما كان أحد مماثلا لك، أي: مشبها لك، فنفى مشابهة كل أحد له، فصار المعنى: بلغت مبلغا من الفضل لم يشابهك أحد فيه. وإذا قال: ما كان مثلك أحدا، وجب أن يكون المنفي معنى الأحدية وهي الإنسانية، فيصير المعنى: ما مثلك إنسانا، ويكون المماثل له مثبتا، وإنما نفى الإنسانية عنه. والمثل المثبت، أما أن يراد به نفس المضاف إليه كما في قولك: مثلك لا يقول ذلك، وإما بمعنى المشابه. وعلى كلا الأمرين لا يستقيم نفي الإنسانية، لأنه يصير بمعنى: ما أنت إنسانا أو مشابهك إنسانا، وكلاهما غير مستقيم. وأما إذا قصدت معنى المبالغة في الذم أو المدح كان جائزا. يريد معنى قوله: {ما هذا بشرا} (?)، لأن المعنى إثبات أمر أعلى من البشرية في مقصود المحكي عنه كقول الشاعر:
فلست لإنسي ولكن لملأك (?)