وقصد إلى كل صداقة لي محصورة في زيد، أو قال: زيد صديقي، وقصد إلى أن زيدا هو المخبر عنه، لا صديق سواه، وجب الحصر فيهما جميعا. ثم نقول: نسلم أن "صديقي" يتعين "للخبرية" في المسألتين جميعا على ما ذكره الإمام، ونقول: المعنى فيهما واحد، لأنه لا يخلو إما أن يقصد بصديقي العهد العام أو العهد الخاص. فإن قصد الخاص فلا عموم في التقديم والتأخير، وإن قصد العام فالمعنى واحد، لأنه إذا قال: زيد صديقي، وقصد إلى أن "صديقي" عام وجب أن يكون المعنى: أن زيدا هو جميع أصدقائي، فلا صديق لي سواه، وهو يسلم ذلك في المسألة الأخرى. وإنما وقع الوهم في ذلك من جهة توهم أن "زيد صديقي" مثل قولك: زيد صديق، في تأخير "صديق"، وليس بسواء، لأنك إذا قلت: زيد صديق، وجب أن لا يكون المعنى إلا أن يخبر عن زيد بأنه صديق، فجائز أن يكون ثم صديق غيره كقولك: زيد عالم. أما إذا قلت: زيد صديقي، وقصدت إلى ذلك المعنى كان فاسدا من جهة ما أثبتناه في امتناعه في: زيد العالم، فوجب أن يكون المعنى الإخبار عن زيد بأنه الصديق المعهود المعين، وأ بأنه لا صديق سواه. وإذا وجب أن يكون المعنى كذلك استوى تقديم " صديقي" وتأخيره على ما ذكرناه. وإنما أخذ قائل هذا القول " صديقي" عند تأخيره فجعله مثل: زيد عالم، وقدر فهم ذلك، فلزم منه تجويز الصداقة في غيره، وأخذ "صديقي زيد" عند تقديم "صديقي" فجعله عاما لجواز ذلك فيه، وقدر فهم ذلك وأخبر عنه بزيد، فلزم حصر الصداقة في زيد. ومن نظر ما ذكرناه علم أنهما سواء (?) ولله الموقق للصواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015