الوجه الثاني من الأولين في أصل المسألة: أن يكون قولهم: تمرة خير من جرادة، على معنى الإخبار عن اللفظ، كأنك قلت: لفظ تمرة مدلولها كذلك أو مدلول تمرة كذلك. فيكون المصحح للابتداء كونه معرفة في التقديرين جميعا. وإنما يستقيم هذا فيما كان الخبر فيه عاما لجميع أنواع المخبر عنه، لأن المبتدأ وقع عاما، لإضافته تقديرا وهو اسم جنس، فصار التقدير: كل مدلول تمرة، أو كل لفظ تمرة. وأقل أحوال الخبر أن يكون مطابقا، فلا يصح على هذا أيضا: رجل في الدار، لتعذر هذا التقدير فيه إذ لا يصح على مدلول رجل بأنه في الدار. نعم يصح على هذا: رجل إنسان وشبهه. وكذلك: أربعة ضعف اثنين. و" أربعة" في هذا أوجه من: تمرة خير من جرادة، فصح أن يكون شارحا لمدلوله، بخلاف الأول، فإنك لم تخبر بحقيقة ما جعلته مبتدأ، بل بحكم من أحكامه. والحكم بحكم من أحكام الشيء لا يكون شارحا له، فلذلك قوي: أربعة ضعف اثنين، في هذا التأويل لما فيه من الانباء عن حقيقة مدلوله، ولم يكن كذلك: تمرة خير من حرادة. فإن قيل: فهل يستقيم منع الصرف على هذا التقدير؟ قلت: له وجه، لأنه قصد قصد اللفظة، وإذا قصد اللفظة جاز أن يعتبر التعريف والتأنيث معنى أو لفظا، وجاز أن يجري على ما كان مستحقا له لو لم يقصد اللفظة: إلا أن هذا هو المعروف. ألا ترى أنه لو استعمل ذلك لقيل في: قام جعفر ومررت بقائمة، جعفر: فاعل، وقائمة: ـ مجرور، غير منصرفين، ولقيل في: أخذت من زيد، من: حرف جر، وأشباه ذلك، وهو بعيد عن الاستعمال. هذا اخر الجواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015