عليه صار مماثلا للمعرفة، إلا أنه يلزم أن يكون معرفة، إذا التعريف والتنكير من الأمور المعنوية. وإذا كان اللفظان بمعنى واحد بالنسبة إلى ما كان الشيء به معرفة ونكرة لزم من كون أحدهما معرفة ونكرة أن يكون الأخر كذلك. وإطباق النحويين على أنها نكرة يدفع ذلك، وكذلك الاجماع على أنه لايتبعها من الصفات إلا النكرة، كقولك: ما رجل عالم في الدار، يدل على أنها نكرة لأنه قد علم أن المعرفة لا توصف بالنكرة. ومما يدل على ذلك أنك لو قلت: ما عندي درهم واحد، كان مثل قولك: ما عندي درهم. ولو كان درهم ههنا لجميع الجنس مرادا لم يصح وصفه بواحد، إذ الجنس المتعدد لا يوصف بالواحد.

ومنها: أن يكون المبتدأ في معنى الفاعل باعتبار نفي إثبات. وشرطه أن يكون الخبر جملة فعلية في معنى نفي عموم من نسب إليه الفعل وإثباته لذلك المبتدأ كقولك: شر أهر ذا ناب (?). بمعنى: ما أهر ذا ناب إلا شر. وأمر أقعده عن الخروج، في ما أقعده عن الخروج إلا أمر. وإنما جاز أن يكون مبتدأ وهو نكرة لأنه في معنى الفاعل، والفاعل يجوز أن يكون نكرة، وإن كان في المعنى محكوما عليه لما فيه من معنى التخصيص فكذلك هذا. ووجه التخصيص في الفاعل أن حكمه لما كان متقدما صار المحكوم عليه لا يذكر إلا بعد تقرر الحكم في الذهن، فلما تقدم العلم بالحكم صار كالصفة في كونه متقدما عليه لكون الصفة لا فرق بينها وبين الخبر إلا تقدم العلم بها دونه. فمن ثم جاز أن يكون الفاعل نكرة مطلقا، ولما كان هذا المبتدأ في معنى الفاعل جاز أن يكون نكرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015