شُوهد ورُثِي، فلابدّ من حمله على وجه يصحُّ فيه معاقبةُ الإتيان له (?)، وهو على وجهين: أحدهما: أن يُراد بالرؤية مشارفُتها ومقاربتُها، فيستقيمُ تعقيبُه بالإتيان بغتة وإطلاقُ الفعل بمعنى مشارفته وقربه كثير. قال الله تعالى: "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية" (?). والمعنى: إذا قارب حضور الموت. وكذلك: "إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن" (?). ومعلوم أنّ الإمساك لا يكون بعد بلوغ الأجل. وإنما المراد: فقاربن بلوغ الأجل. ويدلّك على أن بلوغ الأجل ظاهر في انقضاء العدة قوله: "وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن" (?) الآية. الوجه الثاني: قوله: "فيأتيهم بغتة". أخذه لهم بعد رؤيته هو البغتة، فإنه لا يلزم من رؤيته أنْ يكون آخذاً لهم وهم لا يشعرون، لأنَهم قد يرونه ولا يعتقدون أنه عذاب البتة فيأخذهم بغتة وهم لا يشعرون. كقوله: "وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم" (?). وقد يرونه ويعتقدونه عذاباً ولكن لا يعتقدون أنه لهم فيأخذهم بغتة بعد رؤيته. كمن يرى ناراً وتأخذه بغتة فيصح أن يقول: رأيت النار فأخذتني بغتة من غير أن أشعر بأخذها لا برؤيتها. والله أعلم بالصواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015