{وجادلهم بِالَّتِي هِيَ احسن} و {لست عَلَيْهِم بمسيطر} ويجدون آيَتَيْنِ فِي التَّشْدِيد إِحْدَاهمَا {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} {والآخري} (وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله} ؛ وبمراجعة أَسبَاب نزُول هَاتين الْآيَتَيْنِ يعلمُونَ انهما نزلتا فِي حق الْمُشْركين والكتابيين من الْعَرَب، وَلَا يُوجد فِي الْقُرْآن مُلْزم لاعْتِبَار عمومية حكمهمَا.
وَإِذا دققوا الْبَحْث، يَجدونَ أَن لَيْسَ فِي عُلَمَاء الْإِسْلَام مُطلقًا من يحصر معنى الْجِهَاد فِي سَبِيل الله فِي مُجَرّد محاربة غير الْمُسلمين، بل كل عمل شاق نَافِع للدّين وَالدُّنْيَا، حَتَّى الْكسْب لأجل الْعِيَال، يُسمى جهاداً.
وَبِذَلِك يعلمُونَ أَن قصر معنى الْجِهَاد على الحروب كَانَ مَبْنِيا على إِرَادَة الفتوحات، والتوسل للتشجيع حِين كَانَ مجَال للفتوحات، كَمَا أعطي اسْم الْجِهَاد مُقَابلَة لاسم الحروب الصليبية الَّتِي أصلى نارها المسيحيون.
ثمَّ بعطف نظرهم إِلَى التَّارِيخ، يَجدونَ أَن الْعَرَب مُنْذُ سَبْعَة قُرُون لم يَأْتُوا حَربًا باسم الْجِهَاد. وَمَا كَانَت تعديات أساطيل إمارات الغرب إِلَّا من قبيل (القرصان) الَّذِي كَانَ مألوفا عِنْد جَمِيع إمارات الأرخبيلين الصّقليّ واليوناني وَكلهمْ نَصَارَى. أما غارات التاتار