ويروى عَن (أَحْمد بن حَنْبَل) رَضِي الله عَنهُ أَنه رأى بَعضهم يكْتب كَلَامه فَأنْكر عَلَيْهِ وَقَالَ: تكْتب رَأيا لعَلي ارْجع عَنهُ. وَكَانَ يَقُول لَيْسَ لأحد مَعَ الله وَرَسُوله كَلَام. وَقَالَ لرجل: لَا تقلدني وَلَا تقلدن مَالِكًا وَلَا الْأَوْزَاعِيّ وَلَا الْحَنَفِيّ، وَلَا غَيرهم، وخذوا الْأَحْكَام من حَيْثُ أخذُوا من الْكتاب وَالسّنة وَأسسَ مذْهبه على ترك التَّأْوِيل والترقيع بِالرَّأْيِ وَاتِّبَاع الْغَيْر فِيمَا فِيهِ طَرِيق الْعقل وَاحِد.
وَنقل الثقاة أَن سُفْيَان الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ لما مرض مرض الْمَوْت دَعَا بكتبه فغرقها جَمِيعهَا.
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف وَزفر رحمهمَا الله تَعَالَى انهما كَانَا يَقُولَانِ لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا مَا لم يعلم من أَيْن قُلْنَا. وَقيل لبَعض أَصْحَاب أبي حنيفَة: انك تكْثر الِاخْتِلَاف إِلَى أبي حنيفَة، فَقَالَ: لِأَنَّهُ أُوتِيَ من الْفَهم مَا لم نُؤْت، فَأدْرك مَا لم ندرك، وَلَا يسعنا أَن نفتي بقوله مَا لم نفهم دَلِيله ونقنع (مرحى) .
ثمَّ قَالَ: أَيهَا الإخوان الْكِرَام قد أطلت الْمقَال فاعذروني، فَإِنِّي من قوم ألفوا ذكر الدَّلِيل وَإِن كَانَ مَعْرُوفا مَشْهُورا، وَقد ذكرت طَريقَة عُلَمَاء الْعَرَب فِي الجزيرة منوها بفضلها لَا بفضلهم على غَيرهم، كلا بل غَالب عُلَمَاء سَائِر الْجِهَات أحد ذهنا وأدق نظرا وأعزر مَادَّة