والذي يظهر لي في هذا أنَّ الوكيل هنا ليس قائماً مقامها في الحقيقة، وإنَّما هو قائم مقام الوليِّ؛ لما استقرّ عندهم معرفته من أنَّ المرأة لا تعقد لنفسها، ولا لغيرها من النِّساء، وبهذا يتَّفق مذهب المالكية هذا مع ما يقوله الشافعية من أنَّ الوليِّ إذا أذن لمولِيّته أو غيرها أن توكّل رجلاً عنه صحّ ذلك لها؛ لأنَّ ما تختاره وكيلاً عن الوليِّ لا عن المرأة1. والله أعلم.
ثالثًا: يتفق أئمة الحنفية الثلاثة- أعني أبا حنيفة، وأبا يوسف ومحمَّدًا- على أنَّه لا ولاية للمرأة في النكاح مع وجود العصبة بالنفس - أي نسبًا أو ولاء بالعتق- وإن اختلفوا- كما تقدم- في صحة تزويج المرأة الحرة المكلّفة نفسها بدون إذن وليّها2.
وذلك لأنَّ الولاية في النكاح معتبرة عند الصاحبين بالتعصيب، وفاقًا للجمهور، وعند أبي حنيفة رحمه الله معتبرة بالإرث، وإنَّما التعصيب سبب للتقديم لا للحصر3.
وبهذا نرى اتفاق الأئمة الأربعة وأصحابهم على أنَّه لا ولاية للمرأة في النكاح مع وجود العصبة من الذكور نسبًا أو ولاء بالعتق.
وذلك لأنَّ الولاية المتفق عليها في النكاح هي الولاية على الصغار، والمجانين، والأرقّاء، والخلاف إنَّما هو في الولاية على الحرّة المكلّفة، وقد