نذكر هنا الفرق بين إنكاح المرأة نفسها، وولايتها على غيرها، من خلال ما تبيَّن لنا من هذا البحث وهو:
أوّلاً: يتَّفق الأئمة الثلاثة- أعني مالكًا والشافعيَّ وأحمد - وكذلك أهل الظاهر على أنَّ المرأة لا تزوّج نفسها، ولا ولاية لها في النكاح على غيرها، إلاّ ما روي عن الإمام أحمد رحمه الله من أنَّ للمرأة أن تزوّج أمتها، وقد خرّج بعض أصحابه عليها قولاً له بصحة عبارة النِّساء في النكاح، ولو صحَّت هذه الرواية لكانت قاصرة على ما ذكر، فكيف وهي محتملة أن يكون الإمام أحمد رحمه الله قد قصد بها حكاية مذهب غيره، كما قاله ابن قدامة رحمه الله1.
وأمَّا ما اشتهر عن الإمام مالك رحمه الله من أنَّ الولاية في النكاح شرط في الشريفة دون الدنيئة، وكذلك ما ذهب إليه داود الظاهري من اشتراط الولاية في البكر دون الثيّب، فليس معنى ذلك أنّه يجوز للدنيئة أو الثّيب أن تنكح نفسها، وإنّما معناه عندهم: أن توكِّل رجلاً، مسلماً، عدلاً، فينكحها، كما سبق بيانه في محلِّه2.