وأمّا إذا كان الوليّ مجبراً كالأب في ابنته البكر فلا تزوّج إلاّ إذا كانت غيبته بعيدة، ومثّلوا لها بإفريقيا: - يعني القيروان - واختلفوا في بدايتها، فقيل: أي من المدينة إلى إفريقيا؛ لأنّ مالكاً لمّا قرّرهاكان بالمدينة.
وقيل: بل من مصر؛ لأنّ ابن القاسم لمّا سئل عنها فأجاب كان بمصر.
ثمّ اختلفوا هل من شرطها الاستيطان أولا؟
فقد قيل لابن القاسم: "أرأيت إن خرج تاجراً إلى افريقيا، أو إلى نحوها من البلدان وخلّف بنات أبكاراً فأردن النِّكاح، ورفعن ذلك إلى السلطان، أينظر في ذلك السلطان أم لا؟
قال: إنَّما سمعت مالكاً يقول في الذي يغيب غيبة منقطعة، فأمّا من خرج تاجراً وليس يريد المقام بتلك البلاد فلا يهجم السلطان على ابنته فيزوّجها، وليس لأحدٍ من الأولياء تزويجها. قال: وهو رأيي؛ لأنّ مالكاً لم يوسّع في أنّه تزوّج ابنة الرجل إلاَّ أنّ يغيب غيبة منقطعة"1 اه.
ولقد أطال الحطَّاب في شرح (المختصر) في هذه المسألة، وأكثر من إيراد النقول المتضاربة ثمّ قال: "علم من كلام المدوّنة، وكلام ابن رشد أنّ هذا الخلاف إنّما هو إذا كانت غيبة الأب عن ابنته غيبة انقطاع، بمعنى: أنّه طالت إقامته بحيث لا يرتجى قدومه بسرعة غالباً، وأمّا من خرج